علي بن أبي طالب.. إمام أهل السنة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الإمام هو الذي يُقتدى بأقواله وأفعاله ومنهجه الذي سار عليه في العقيدة والسلوك والعبادة والأخلاق ؛ وعلي بن أبي طالب أبو السبطين الذي له الفضائل الكثيرة والمواقف الشهيرة بين المسلمين، فهو الخليفة الراشد الذي تولى الخلافة بعد الخليفة عثمان رضي الله عن الجميع، فكان بحق نموذجاً في الحرص على سلامة العقيدة وصحة التوحيد وطهارة القلب لمن سبقه من الخلفاء الراشدين وإليكم الأدلة على ما أقول.
علي بن أبي طالب وحراسته للتوحيد
جاء في صحيح مسلم أن عليا قال لأبي هياج الأسدي: «ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا تدع قبرا مشرفا إلا ساويته ولا صورة إلا طمستها» ، فهذا العهد الذي تمسك به أبو الحسن قد فرط فيه كثير من المسلمين اليوم فشيدوا القبور، وأصبحوا ينذرون ويذبحون لها وهذه من المفارقات العجيبة الغريبة فإن كان عليا إمامنا وقبله رسول الهدى، لدى يجب علينا أن نتبعه في حرصه على استقامة التوحيد وحراسة العقيدة الصحيحة كما جاء أن أناسا توجهوا له بالعبادة وقالوا: أنت أنت، فقال: ومن أنا؟ قالوا: أنت الله. فاستنكر ذلك أشد الاستنكار وعاقبهم اشد العقوبة بأن حفر الحفر وأضرم فيها النيران وقال لهؤلاء المشركين: من لم يرجع عن هذه العقيدة الفاسدة طرحته في هذه النيران، فأحرق منهم الكثير وذلك من حرصه على سلامة العقيدة وصحة التوحيد لأن الله وحده المستحق للعبادة لا سواه. لكن كعقوبة من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قد لامه عليها عبد الله بن عباس رضي الله عنهما. وقال: الإحراق بالنار عقوبة خاصة بالله لا لغيره. وكان رأي ابن عباس أن يقتلوا على عقيدتهم الفاسدة ولكن ليس بالنار فكان جواب علي بن أبي طالب رضي الله عنه بيتا من الشعر:
لما رأيت الأمر أمرا منكرا
أججت ناري ودعوت قنمبرا
وقنمبر خادم علي المطيع، وهذا من حرصه رضي الله عنه على سلامة المعتقد وحراسته للتوحيد. وهو المدرك تماما للحوار الذي دار بين الله سبحانه وتعالى وبين عيسى عليه الصلاة والسلام بقوله (وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب) [سورة المائدة آية- 116].
علي بن أبي طالب وحبه لأبي بكر وعمر
جاء في الحديث الصحيح أن عليا رضي الله عنه كان يقول على منبر الكوفة: لا أسمع أحدا يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفترين، وهذا من حبه وتقديره ومعرفة الفضل لأهله فقد كان قريبا من الرسول ومن أبي بكر وعمر فهو يعرف مدى العلاقة القوية بين الرسول وصاحبيه ومكانة الشيخين في الإسلام، فهل يظن أن عليا يقول ذلك من باب المجاملة أو الخوف حاشاه رضي الله عنه.. فهو القائل لما بايع أبا بكر على الخلافة: لقد ارتضاه رسول الله لديننا ألا نرضاه لدنيانا؟! وهذا من فقهه وعلمه الغزير، فإذا كان الرسول صلى الله علية وسلم يأمن على أمته في عبادتهم التي هي رأس أمرهم وعمود دينهم إمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه لهم في الصلاة ألا يأمن عليهم في إمامته في دنياهم؟! ولقد كان عليا ألصق الناس في عمر الفاروق حين تولى الفاروق الخلافة، ومن شدة قربهما لبعض زوَّج علي ابنته أم كلثوم لعمر الفاروق وأنجبت له، فهل يعقل أو يتصور بعد هذه العلاقة القوية أن هناك بغضا أو ظلما أو سلبا لحق؟! وأن عليا لم يكن يحب الشيخين أو أنه كان مضطهدا بين الصحابة الكبار؟! فهذا والله وتالله من الانحراف البين والضلال المبين.
فنسأله جل وعلا الثبات على الحق والبعد من الباطل وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين